العالم مزدحم جدا، هنا أحاول أن أوجد لي فيه مساحة أتواصل بها معكم.

انعتاق ... أدنى من قاب قوسين.

في وسط السوق
ضجيج الناس
رسفٌ في الأغلال
بكم؟
من أي البلاد هو؟
هذا يديره؟ وذاك يدور حوله!!
وذا ينظر في وجهه؟ و آخر في قفاه ، لعله يجد كية تدل على مرض قديم!!! وينظر في يديه ، هل اعتادتا العجن أم حمل المسحاة؟
هل هما خشنتان كنتيجة لعمل جاد يومي أم ناعمتان كدليل على الخمول والكسل؟!
ذاك يسأل: هل اشتريته من الشام أم الحبشة؟
يخلع أحدهم رداءه عن صدره ليتأكد هل هو معافى؟
أما هو ففي صمت قاتل وعينان تلتهمان الحيرة واللامبالاة التهاما
يتأمل في وجوه الناظرين إليه و السؤال الأهم
أيهم سيكون سيده القادم؟
حال هذا (القين) الذي بيع يوما في سوق النخاسة ليس بأحسن حالا ممن يعيشون رقا فكريا و استلابا نفسيا.
قد يكون ظاهر البعض الحرية ، لكنه في حقيقته يعيش صورة من أقسى أنواع العبودية، إن في الذين (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ([التوبة:31] نموذج صارخ لنوع من أنواع العبودية المقيتة كان ولا يزال قائما يبيع المرء في سوقه دينه ودنياه لأجل وهم لا حقيقة له، وإن في الركون لبعض الأنظمة نوع مهين في علاقة الحاكم بالمحكوم ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) [النمل:34] ولولا ركون الناس في البدايات لما تفرعن الفراعنة وفي المثل قيل: يا فرعون من فرعنك؟ قال: لم يمنعني أحد!
وفي اتباع النفس والنزول الدائم عند رغباتها وأهوائها وجه من وجوه فقدان الحرية ) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) [الجاثية:23] ولا تعجب فقد يكون هذا الأمر محببا للنفس تدفع له العواطف ففي بعض العشق واتباع القلب استلاب للحرية  
وإن حكمت جارت علي بحكمها    ولكن ذلك الجور أشهى من العدل
وفي اتباع العقل الجمعي استلاب للحرية ( لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إنْ أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم ) رواه الترمذي، ،
بل إن كل ما لا تستطيع الاستغناء عنه هو في حقيقته يملكك ولا تملكه ولو توهمت عكس ذلك، فالحرية في بعض معانيها هي القدرة على الاستغناء ،وقد قيل ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس، وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنهُ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ( إن الله يحب العبدَ التقيَّ الغنِيَّ الخفيَّ) رواه مسلم. والمراد بـالغنيّ غنيٌّ النفسِ.
قد تكون للحزبية ثمرات من خلال إيجاد بيئات تعاون و تكاتف و رؤية جماعية تساعد على العمل الهادف و تحقيق الأهداف و الطموحات الحرة ،لكن كم ستكون " نكبة " عندما تتحول إلى رق غير مدفوع الثمن.
إن المملوك لا يملك خياراته بنفسه ولا يعمل لمجده و لا لإيجاد ذاته بل كل سعيه مرتكز لصالح سيده، يقال أن مملوكين في سالف الزمان أخذا يتمنيان فقال أحدهما أتمنى أن تمطر السماء ذهبا فقال الآخر و أتمنى أن أجمعه كله لسيدي ليعفيني من العمل ذلك المساء ،فأخذهما الضحك على وقع هذا الحلم الجميل!!
إن البعض سلبت الحزبية و بعض المفاهيم المحرفة للعمل الجماعي منه أهم شيء وهي حريته و استقلاليته، إن الإنسان فضل بالتكليف و الاختيار و تحمل المسئولية ومن الجميل الضروري أن يحافظ عليه ، ينبغي أن لا نرضخ لمن يرغب أن يملي علينا خياراتنا بالتعسف و الجبر و القهر أو حتى بالإحراج ،فنقبل و نرفض بقناعاتنا الداخلية وتقديراتنا الخاصة.
المهم ألا يفرض علينا شيء بالقوة
يدخل الشخص في جماعة أو حزب و بمجرد فترة يجد نفسه يفقد الكثير من حريته
ربما لا يشعر بهذا الأمر ابتداء لكن بمجرد محاولته الخروج على النسق الثقافي أو الفكري للتكتل أو الحزب حتى يجد الجفاء و الإيذاء النفسي
إن جمال حياتنا يكمن في أخطائنا و بتصحيحنا لها ،إنها بشريتنا و إنسانيتنا ، لو شاء الله لخلقنا ملائكة لا نخطئ و لكنه أراد لنا أن نكون بشرا خطائين و رغبنا بأن نكون توابين

الحرية رائعة ، علمتني الحياة أنها لا تقدر بثمن!

هناك تعليقان (2):

  1. كما قلت الحرية ثمنها باهظ
    ولكن نحن في الخليج نحتاج الى طاقات مضاعفة للقيام بعملية التحرر
    فالتحرر السياسي لا يتم إلا عبر أنساق إجتماعية تم التحرر منها
    لأن هذه الأنساق هي دعائم الأنظمة السياسية في الخليج
    نواف بن جرمان العضياني

    ردحذف
    الردود
    1. صدقت فنحن بحاجة لعملية انقلاب على قيم ومشاعر سلبية لازالت تأسرنا وتقيدنا

      حذف