العالم مزدحم جدا، هنا أحاول أن أوجد لي فيه مساحة أتواصل بها معكم.

عفويتنا...المفقودة!

العفوية وجه من وجوه البراءة والطهر، لأنها نحن بلا رتوش وبلا استعداد كبير ولا تمثيل احترافي على مسرح الحياة، ردود أفعالنا بها تحركها دوافعنا الداخلية المتوثبة قبل أن تكبلنا أغلال ماذا سيقولون؟ ما رأيهم؟ ما حكمهم؟ ما تقديرهم؟ صحيح أننا نكبر ونتعلم ولكننا نقوم في ذات الوقت أيضا بلف الكثير من القيود والأغلال حول قلوبنا وعقولنا وأرواحنا.

في داخلنا نفس ذلك الطفل الذي يحب اللعب والعبث والتسامح والتنافس، فنخرج عفويون و نتحدث ببساطة ثم يعود المجتمع ليطوعنا لنمارس التمثيل فيه باحترافية، لنعيش في الموقف الواحد موقفان معا أحدهما ما كان بودنا فعله يقابله ما يجدر بنا إجتماعيا وثقافيا عمله ، ما نسعد به ونرتاح له وينسجم مع صوت شجي داخلي ينادينا، وما نعتقد أنه سيكون الأنسب لفهم الناس ولتقديراتهم.

هل العفوية نضج ؟ أم طفولة؟
هل العفوية طهر أم سذاجة؟
هل العفوية ذكاء أم سطحية وبساطة؟
هل العفوية صح أم خطأ نندم عليه لا حقا؟

مع العفوية، عندما ترى أمرا يعجبك تثني عليه و تتحدث عنه، لكنك بدونها ستفكر كثيرا ماهي ردة فعل الآخر، كيف سيفهمون ملاحظاتي وماذا سيقولون وكيف وماذا ولماذا وأخواتها

نتعامل بعفوية ونقول الكلمة ببراءة ثم نشعر بعدها بتأنيب ضمير أو باغراق في تفكير لا منتهي ولا مبرر له بل ولا منطق يستمر يشغلنا كثيرا

هل ابعدنا "الاتيكيت" الاجتماعي عن عفويتنا ونال من راحتنا؟ هل أقصتنا البروتوكولات الاجتماعية عن بساطتنا؟
في العفوية حرية البيان والتبين والسؤال والتساؤل، نترك السؤال في حينه كي لا يساء فهمنا أو ينخفض قدرنا وتقديرنا في عيون الاخرين!
السؤال بطبيعته تعلم وفضول ، اليوم تهيبناه جدا حتى ولو كان بيننا وبين أنفسنا.

في البدايات إذا طالعت كتابا أو رأيت مشهدا نعيش أجواءه لدرجة التماهي معه و تتأثر نفسيتينا ومزاجنا به، فلا نزال نهرب أو تهرب عفويتنا منا لتفقد الأشياء قدرتها على التأثير فينا ودمجنا في روحها.

وهل ذهاب العفوية وانصرافها لازمة من لوازم تطوير خبراتنا ومهاراتنا؟ لماذا لا نجعلها جزء من احترافينا فنمارس الحياة باحترافية عفوية فنطور ابتسامة صادقة ونكتسب مهارة الثناء على الجميل بعفوية، ونعبر بعفوية

عندما تنصرف العفوية تقبل الأنا ممتطية التكلف والتزين والبهرجة غير الصادقة، تنصرف الكثير من اللحظات لاعداد ما لم نعتد عليه سلفا.
في عالم مليء بالشكليات والطقوس الاجتماعية نحن أحوج ما نكون لاستعادة عفويتنا المفقودة!

@4abdullah