العالم مزدحم جدا، هنا أحاول أن أوجد لي فيه مساحة أتواصل بها معكم.

مذهب الحكومة!

استطاعت الحكومة خلق أيديولوجية جديدة للحكم للاستخدام العملي أكثر منها للتنظير. و هذه الأيديولوجية تكونت من مزيج غير منسجم من الأيديولوجيات الحية و المتصادمة أحيانا كثيرة، استطاعت حكومة الخبرة أن تجعلها متعايشة إلى حد كبير ، فطورت خلطة أيديولوجيات تتناول منها ما تشاء حينما تشاء و دعتها الضرورة لذلك.
ديموقراطية وليبرالية وإسلامية سنية وتارة شيعية وقبلية بل حتى في الاقتصاد فهي مرة رعوية أبوية وهو الغالب عليها إلا أنها في مرات أخرى اشتراكية و رأسمالية معا!
تتبنى الديموقراطية و رأي الأغلبية متى ما احتاجت وضمنتها لجانبها أو ضعفت مؤقتا أمامها، ثم ستجد فيها قومية عربية حادة في مواقف معينة ونزعة إنسانية عالمية في مواقف أخرى ،وتجدها إسلامية إذا وجدت في الخطاب الاسلامي ما يسعفها أمام المطالبات الليبرالية و على الضد قد تجدها في قرار آخر و في موضع آخر ليبرالية تشجع الحرية الشخصية و تطلق لها العنان إذا أرادت التفلت من التزاماتها أمام الإسلاميين !!!
تتلون لتمارس دور دولة المؤسسات و في تغير سريع  تتحول إلى قبيلة وعائلة تحكمها السلوم و الأعراف و العادات في نكوص واضح عن كل ما سبق .
الديموقراطية هي حكم الأغلبية و هم الشعب في الغالب، نجد أن الحكومة تكون على هذا الخط حينما يطالب الشعب أو بأمر لا تجد مانعا من تطبيقه لتتزين بثوبها الذي تفاخر به الآخرين و هو أنها دولة ديموقراطية.
 إلا أنها ليبرالية تنادي بحرية الفرد حينما يقترح الشعب عبر ممثليه البرلمانيين أو الناطقين باسمه مشروع تدعمه أغلبية شعبية فيبطلونه بالمبدأ الليبرالي و هو أنه سيؤثر على بعض الحريات في حين أن الديموقراطية هي صوت الأغلبية لا صوت الجميع و في هذه المرحلة تجيد و بإتقان هذا التلون فحينما ترتدي ثوب الديموقراطية ترد على الليبراليين بأن هذا حكم الشعب الذي ارتضيناه جميعا و حينما ترتدي الثوب الليبرالي فإنها ترد على الأغلبية بإن الكويت دولة يتعايش فيها الجميع و يجب علينا حماية حقوق الأقليات و أن لا نتعرض لحرياتهم و هنا يدعمها الخط الليبرالي بأقلامه و كتابه كما دعمها الديمقراطيون حينما تزينت بالثوب الديموقراطي. ونفس الأمر عندما ترفع صوتها بالشريعة فيجند لها الإسلاميون أقلامهم وأحلامهم!
و في مرحلة ارتداء الثوب القومي تنجرف باتجاه العاطفة القومية و بشكل بعيد عن التروي و عن تأمل العواقب كما كان منها قبل 2/8/90 حينما تسربلت الثوب القومي في دعم حامي البوابة الشرقية و أخذت ترسم في أذهان الناس صورة مغايرة للواقع عن قادسية صدام البعثي لتواجه ويواجه الشعب بعده اختباراً قاسياً
الغريب أنها مع تلونها و تقلبها هذا تجد كتاب الحركات يقومون بدورهم بإكمال المشهد عبر الدعم و المساندة. إنه الجهل الشعبي و غيبة الوعي عن إدراك و استيعاب  المشهد و الدور الذي تمارسه الحكومة باحتراف على مسرح الحياة.

هناك تعليقان (2):

  1. أستاذي الفاضل لقد أجدت في ولوج عمق الملحظ الذي أشارت فيه إلى تعاطي الحكومة مع سلة من الأيدلوجيات والأقنعة التنكرية تعاطياً يوحي بالبرغماتية فهي في حالة دفاعية أمام لاعب كلما حاول أن يستجمع قواه وأراد قذف كرة المسألة صوب مرماها تقنعت بالأقنعة الأيدلوجية تشويشاً على من يهدف مرماه
    يشاركها في هذه اللعبة التنكرية بعض ممثلي الأيدلوجيات بكل أطيافها ممن له حساباته الشخصية فأصبح تمثيله إنتهازياً فردياً أو من له حساباته الأيدلوجية فأصبح تمثيله مذهبياً منغلقاً لا وطنياً منفتحاً
    ولكن لعبة الأقنعة لا تدوم لأنها من مدافع عن باطل
    ولكن متى ؟
    عندما يتحرك الشعب تحركاً وطنياً إنفتاحياً لا أيدلوجياً منغلقاً.
    شكراً وإلى مزيدٍ من الروائع
    نواف جرمان العضياني

    ردحذف
  2. ان المشكلة يا رفيقي الغالي لا تتم لولا الذين تفضلت وذكرتهم شركاء المسرحية ممثلي هذه الايدلوجيات مرتدي الاقنعة لزوم التاثير والابهار

    ان حالة من اقسى حالات غيبة الوعي وان شئت فقل تغييبه!

    ردحذف