العالم مزدحم جدا، هنا أحاول أن أوجد لي فيه مساحة أتواصل بها معكم.

الثورة اللوثرية لإزالة الزيوف الليبرالية ؟!!!

أعتقد جازما أن الليبرالية الخليجية بحاجة إلى ثورة لوثرية من داخلها تعيد غربلتها و تصحح مسارها الوطني و القيمي بعدما شوِهت حسناتها فلم يبق للمجتمع إلا عيوبها و ومساوئها، فهل لها من "لوثر" أو "لوثرة" ليقوم بهذه المهمة العسيرة جدا؟.

إن كل حركة و تيار بحاجة للتوقف و المراجعة لتصحيح المسار و تدارك الأخطاء وتصويبها إن أمكن أو تجنبها و عدم تكرارها في المرات القادمة، و الليبرالية الخليجية ليست في غنى عن ذلك.
الكثير من رموز الليبرالية الكبار لم ينشئوا ليبراليين بل حطت بهم رحال التطواف الفكري إليها ، فلو فتشت في سير أعلامهم لوجدت الماركسي والشيوعي والقومي والتحريري والسلفي ...إلخ، مروا بتحولات أيديولوجية حادة ومنعطفات فكرية قاسية عدة مرات أثرت فيما بعد في نفسياتهم و أورثتهم حدة و قسوة مع المخالفين و هو الأمر الذي ترفضه ألف ياء الليبرالية.

في سيرهم شاهد على ما قاله ابن خلدون في مقدمته من تعلق المغلوب بالغالب، فلما كانت الشيوعية تحكم نصف الأرض التحق و قاتل بعضهم في معسكراتها بنفسية المبهور الذي يريد حمل الناس عليها ، فلما سقطت و خلت الساحة لليبرالية الغربية جرفه تيارها فانطلق يدعو لها بعقلية المغلوب المبهور أيضا الذي لم يستوعبها ، فصار أعداء الأمس قدوات اليوم و تحولت ساحقة الشعوب بقدرة قادر إلى البلسم الذي يداوي جراحه.

أعتقد أن الليبراليون الحقيقيون في الخليج يعيشون غربة حقيقية في وسط التيار الليبرالي العام بعدما تسلق على ظهره الانتهازيون والميكافيليون و غلبهم عليه الأصوليون العلمانيون. ما نراه هو أن الغالبية الظاهرة في الساحة هي للمتمسحين بالليبرالية و المتزينين بألوانها البراقة ليخفوا بكلمة الحرية ممارسة الاستبداد و بكلمة العدالة ممارسة الظلم و بكلمة المساواة ممارسة الطبقية ، هذه الألوان بمجرد أن ترتفع درجة حرارة الصراع الفكري أو أن يتعرض المجتمع لأحداث ساخنة تجد العرق وقد سال من على الوجوه ليكشف السوء الذي حاول المتمكيجون بالليبرالية إخفاءه.
لا بد من ثورة في الليبرالية على جموع الحرس القديم تجعلها قادرة على مواكبة حراك المجتمع و الاستجابة إلى متطلباته ،طليقة من آثار الهزائم الفكرية التي تحطم النفوس ، قادرة على أن تتعايش مع البقية على أساس من التقدير و الاحترام، مؤمنة بأن لديها أمور كبار مشتركه مع أبناء مجتمعاتها لا يجوز التفريط بها و لا المساس بقدسيتها و منها دين المجتمع و هويته . يا شباب الليبرالية إن نجحت ثورتكم عليهم فإياكم و ممارسة نفس الأخطاء لأنها ستؤدي إلى نفس النتائج، و التحية.

هناك تعليقان (2):

  1. أولاً: أبارك لك أستاذي الفاضل على عذه المدونةفهي خير حافظ لماتكتب وكل ماتكتبه فهو الثمين الفكري
    ثانياً:ألا تعتقد أستاذي الكريم أن من أسباب الإندحار الليبرالي العربي ومنه الخليجي تولده في حقبة تلوثت وتشربت الفكر القومي والاشتراكي وظهور مايعرف بالليبراليين الاجتماعيين العرب مماعكس الطابع السرطاني على الليبرالية الخليجية فجعلها أكثر غربة.
    وأخيراً أشكرك على هذا المقال الأكثر من رائع
    نواف جرمان العضياني

    ردحذف
    الردود
    1. أولا: شرفت بمرور أستاذ كبير مثلك على مدونتي وهذا مما يزيدها بركة، بارك الله فيك ولك وعليك

      ثانيا:لعلي لمحت أعلاه أنها كانت وليدة تبعية لا تقدمية فكرية بسبب ما تفضلت به ثم هي بسبب حالة هروب من واقع متردي إلا ظاهر حياة الغالب ظنا أنها المخرج من المأزق.

      حذف