العالم مزدحم جدا، هنا أحاول أن أوجد لي فيه مساحة أتواصل بها معكم.

حكاية (شمس) ... للإقتداء!

تأملها...

تشرق كل يوم ولا تبالي ،أرخت خيوط النور على أحد أو عَدَم ،صالح أو طالح ، بر أو فاجر ،حي أو ميت.
تشرق في الوقت الذي يناسب طبيعة مهمتها ولا تتعاطف مع النائمين في ملتقى النور ، لأنها لو تأخرت لترضي هذا وذاك لتعطلت نواميس الحياة،
الشمس لا تغطى بغربال ولا يخفيها شخص وضع كفه على عينه لا يريد أن يراها ،لذلك (مكبره راسها) ولا تتوقف عند حُجاب النور ،تحضر ولا تغيب لواحد حاول إخفاءها بل تسمح له بلحظات من التميز ولو كانت السبب في وجوده فأروقة ودروب الحياة تتسع لكل أحد، واثقة بحجمها وقدرها ،لا تتضايق لأمجاد العابرين فتشرق ولا تشغل بالها بغيوم طبعها الترحال لأنها وجود ثابت، فالناجح يسعد بالناجحين دوما.

وفي الليل تغيب عن عيون الناس كي تتيح الفرصة للقمر يأخذ دوره فهي لا يعدم من صاحَبها الظهور فما نور القمر إلا بريق أشعتها على جبينه الوضاء وليس هذا هو السبب الوحيد بل إنها لا ترغب أن تمل فتزور غبا لتزداد حبا.

الشمس لم تطلب من (تَبَّاعِها) أن يتبعها لكنه إذ فعل فهي لا تتضايق ،فالبعض خلقوا طقوسيين لا يعيشون بدون شمس في حياتهم
يقتاتون على نورها.

بضاعتها الضياء والنور،لا تكل ولا تمل من عرضها ولو غطاها الغمام ولم تغيرها حتى في أوقات الكساد ،مجللة بالهيبة فإن أحدا لا يملؤ عينه منها رغم أنه يراها كل يوم.
محافظة على علوها وقريبة بنفعا، فإذا أردت العلو فاسرج خيول النور وامتط صهواتها فإن العالم العلوي لا يعرج إليه إلا على نور.
كن كالشمس مضيئا بذاتك سراجا وهاجا
ولن يكون لك ذلك الا بسيرة النور والعلم نور لا يؤتاه عاصي!
تحضر دائما وبنفس بهائها فلم تحضر هلالا وآخر بدرا بل هي البدر كل أيامها
سخية تبذل الضياء ولا تنتظر الثناء ، بل لا تزال تبذل ضياءها حتى ومن الناس من يضايقه فرط جودها أحيانا ،وإذا كسفت ، لم يكن غيابها حدثا عاديا
فإذا صرت في العلو مثلها فابشر بالحسد فالناس تحسد الرفيع العالي لا الوضيع الداني

حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ
فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ
كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها
حَسداً وَبَغياً إِنَّهُ لَدَميمُ
وَالوَجهُ يُشرُقُ في الظَلامِ كَأَنَّهُ
بَدرٌ مُنيرٌ وَالنِساءُ نُجومُ
وَتَرى اللَبيبَ مُحسَّداً لَم يَجتَرِم
شَتمَ الرِجالِ وَعَرضُهُ مَشتومُ

الشمس واقع وحقيقة يراها الناس لا خبرا يسمعون به ولا يرونه، وجل الناس تهتدي بقول الأول
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعتَ به
في طلعةِ الشمسِ ما يغنيك عن زُحَلِ ...
قلل وعودك وحديثك عن نفسك ما استطعت واترك الإنجازات تتحدث.

(الشمس من مطلعها تبين) فكن مثلها في مطالعك وبقدومك الخير. فعندما تحيق ظلمات اليأس بقلوب من حولك فكن لهم إشراقات الأمل وثغر النور وبسمة الضياء ولا تتخلى عنهم!

وتذكر أن بإمكانك أن تكون الشمس أو القمر أو تباعها أو أن تبقى كهفا في معزل عن قصة النور. وإذا قررت أن تكون شمسا فاشرق ولكن إياك ان تكون حارقة!

إذا علوت بحق وأشرقت بجد ستجد نفسك
بأنك شمس والأنام كواكب
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

حينها لا تمن عطائك ، فلم تقل الشمس يوماً للأرض ولا للناس ولا للنباتات أنتم مدينون لي بضياء وبدوني مصيركم الظلماء!

@4abdullah

هناك 6 تعليقات:

  1. تدوينة توقفت عندها كثيرا، وقرأتها مرارا حتى أفصل الشمس عن المرأة .
    لم أستطع فصل هذا ، فسمحت لنفسي أن أفسرها غزل بإمرأة أكثر من الشمس.
    جميلة ، معبرة ، جريئة ، وهادفة.
    سلمت ، وسلم قلمك .

    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. الشمس بطبيعتها أنثى لكنها أيضا دليل الحياة ، تكويرها وسقوطها نهاية العالم
      رأيت فيها هذه العبر فنثرتها هنا
      لكل شخص طريقته في قراتها وتحليل ذلك
      شخصيا لم اخاطب الجانب الانثوي فيها وان كان زاخرا جدا

      وشكرا لتفاعلك

      حذف
  2. الحالة الشمسية جميلة
    والحالة القمرية أجمل لإعتبارات
    منها
    ١- الحالة الشمسية تلغي كواكب الأراء المخالفة والمختلفة بينما لا تجده في الحالة القمرية .
    ٢- التفوق الشمسي تفوق مثالي فردي متطرف غير واقعي ولا يملك منحنى اجتماعي بينما تجد التفوق القمري واقعياً فردياً دافئً اجتماعياً.
    ٣- الحالة القمرية حالة رومنسية بينما الحالة الشمسية ليست كذلك.
    ٤- النقد الشمسي قد يكون أحياناً محرق بضوءه بينما النقد القمري لطيف بنوره.
    إلى مزيد الروائع
    نواف بن جرمان

    ردحذف
    الردود
    1. لكل حالة وجوه جمالها، والكون كتاب مفتوح للمعتبر وهي عبادة مهجورة، كم في تأمل القمر من عبر، أحسنت في بيان وجوهها في ردك الكريم.

      حذف